بقلم:هيفاء التميمي
في احدى السنوات تم تصنيف دراسة علم النفس من أصعب التخصصات ،لأنه العلم الذي يهتم بدراسة السلوك الانساني بمفهومه الشامل في كافة المواقف الحياتية ، لذا ان اردنا ان نفهم او ندرس اي جانب من جوانب الحياة علينا اولاً ان نكون فاهمين لعلم النفس الاساس ، بعد ذلك يتحتم علينا كوننا اخصائيون علم نفس دراسة الحالات الاجتماعية ومعالجتها وتوعية الافراد لها ، ولهذا السبب سوف اشرح في هذا المقال مرحلة المراهقة وكيفية التعامل معها كون مجتمعنا اليوم وحسب دراسات يفتقد لسلوك التعامل مع المراهق مما يؤدي الى خلل اجتماعي بأنحراف المراهق واتباعه طرق وعرة جداً يندم عليها بعد بلوغه هذه المرحلة ،فالمراهقة بصورة عامة هي فترة اضطرابات تصيب الانسان وتحوله الى شخص متذبذب غير مفهوم كما ان فترة المراهقة تكون مختلفة من شخص الى اخر حسب اختلاف الدماغ البشري والمحيط والثقافة العلمية وعوامل اخرى، وايظاً مختلفة بين الاناث والذكور وتكون اوجه الاختلاف هي تمر الانثى بمرحلة مراهقة واحده تبدأ من عمر ال١٢ سنة وحتى عمر ال١٩ سنة أما الذكور يمرون بمرحلتين مراهقة وهي في بداية نضوجهم وبعد عمر الخمسين يبدأ الرجل بفعل افعال صبيانية ويتولد لديه شعور بالعودة الى مرحلة الشباب واعادة تجربة ملذات الحياة ، وهذه الدراسة تؤكد خطأ القول الذي ينص على ان الدماغ البشري ينضج مع تقدم العمر، هذه واحدة من المعلومات الخاطئة التي اعتدنا سماعها وهي نضوج الدماغ البشري مع تقدم العمر عن طريق نمو خلاياه ، الصحيح هو ان الدماغ ينضج عندما يزيد به الاتصال بين خلاياه واعصابه وتتفاعل فيما بينها وتتكرر هذه العملية كثيراً من خلال التجارب والتعلم يصبح الانسان ناضج فعلياً مؤخراً طُرح علي سؤال وهو ما ارتباط مرحلة المراهقة بالدماغ البشري؟.
مرحلة المراهقة هي مرحلة انتقال الانسان من الطفولة الى الشباب وفي هذه المرحلة يكثر في الدماغ الماء الابيض وهو عبارة عن مادة المايلين ،هذه المادة تلعب دوراً كبيراً في زيادة سرعة توصيل الأوامر العصبية عبر الخلايا، وفي الدماغ يوجد شيء اسمهُ المحور العصبي (اكسنت) هذا المحور عبارة عن انبوب ينقل الاشارات الكهربائية الى الخلية العصبية ، وعندما يكون مغلف بمادة المايلين يقوم بتوصيل الاشارات العصبية اسرع ب١٠٠ مرة من المحور الخالي من المايلين ، ومع افراز المايلين في الدماغ راح تبنى خطوط اتصال جديدة بين مناطق الدماغ وتستبعد الوصلات العصبية الضعيفة التي لم تغلف بمادة المايلين ، وهذه التغيرات المستمرة في دماغ المراهق تعطيه القابلية ان يتأثر بالبيئة المحيطة به بسرعة ، لذا نرى المراهق يتأثر بأصدقائه في طريقة البس او الكلام وحتى التصرفات وفجأة بعد فترة نلاحظ تغيير طريقة تفكيره وتبنيه لطريق اخر وهذا التذبذب في تصرفات المراق له ابعاد وتفاسير كثيرة ،مع دخول الفرد في مرحلة المراهقة او مرحلة البلوغ يتصاعد فجأة نشاط الجهاز المسؤول عن توجيه العواطف الذي يسمى الجهاز الصوفي (لمبك سستم) هذا الجهاز هو الذي يعطي شعور المكافأة عندما يمارس المراهق انشطه ممتعمه وخطيرة ايظاً وفي الوقت نفسهُ تنمو منطقة اخرى من مناطق الدماغ نسميها قشرة الفص الجبهي (بريفونتل كورتكس) هذه المنطقة مسؤلة عن كمية كبيرة من تفاصيل التفكير العقلاني مثل الوعي والتخطيط واتخاذ القرارات وضبط التصرفات الغير لائقة وغيرها.
وهذه المنطقة ما تنضج الا عند وصول الانسان الى عمر العشرينات فما فوق وتتمثل بمرحلتين بين النضج المتسارع لمركز العواطف والنضج البطيئ لمركز الوعي والعقل وهذه المراحل تمتد من عمر العشر سنوات الى العشرين سنة وفي هذه الفترة يتكون عند المراهق نوع من الاضطراب الناشئ من عدم التوافق في سرعة التطور بين المركزين فيغلب عليه التفكير العاطفي المتسرع والميال الى الخطورة وكلما اقترب من عمر العشرين يبدء بالتصرف بعقل وحكمة ،لكنه يكون بحاجة الى الوقت ، كما نلاحظ في بداية فترة المراهقة السلوك البارز لدى المراهقين هو السهر في الليل لأوقات متأخرة ، مما يولد هذا السلوك اعتقاد سائد لدى الاهل يقول بأن الابن او الأبنة بدء بالتمرد، لكن السبب هو ان تغيير هرمونات المراهق بسرعة كبيرة تولد عنده حالة من الارق واضطراب النوم ويكون المراهق بنفسه لا يشعر بها لكنه يشعر بالمعاناة لذلك من واجب الاهل الصبر على التصرفات السلبية في هذه المرحلة وعدم التسرع بالتهديد او فرض العقاب لان من الممكن توليد حالة مستمرة لدى المراهق بالثبات على اموره السلبية وبالتالي تتحول فعلاً الى حالة تمرد وهنا نكون قد عالجنا الخطأ بالخطأ والصحيح هو محاولة تفهم حالتهم في هذه المرحلة الصعبة من حياتهم ومن خلال هذا نوضح بأن المراهقة هي نمو نفسي قبل ان تصبح نمو جسدي لان نمو الدماغ هو نمو جسماني (أو فيزكل) يؤدي الى نمو الادراك والعواطف والعقلانية.
عند الانسان، وملاحظة مهمة اوضح فيها بأن مرحلة المراهقة مرحلة مفيدة ايظاً في جانب فلو انتقل الانسان مباشرة من مرحلة الطفولة الى مرحلة الرشد دون ان يمر بمرحلة المراهقة راح يفقد الكثير من الادوات التي يحتاجها لمواجهة الحياة والمستقبل، سوف يفقد مهارة الاكتشاف والتجريب ولن يكتسب تجارب ولن يتعلم من اخطائه، لان قشرة الفص الجبهي التي نضجت فجأة سوف تحذره دائماً من عواقب التجربة بينما وجود مرحلة المراهقة في المنتصف تقوم بأخفاض فعالية هذه القشرة فيها وبالنتيجة سوف تعطي رصيد من التجارب والقدرة على الموازنة بين الشجاعة في التجريب والمخاطر، يوجد اعتقاد سائد لدى الكثير يقول بأن فترة المراهقة ظهرت مؤخراً بسبب التطور الذي حصل والتكنولوجيا والانفتاح لعوالم اخرى ألا ان هذه من اكثر الافكار خطأ لان المراهقة ومع اختلاف اشكالها موجودة عند الانسان منذ الالاف السنين ولكن مختلفة في بعض الثقافات، ففي بعض المجتمعات يمر المراهقين بتجارب رجولية سريعة فيحرم المراهق من الاستمتاع بحياته وهذا امر غير طبيعي يقوم بقتل العديد من الانظمة في الدماغ البشري لكنه يحصل في بعض الثقافات لذلك الثقافة المجتمعية تأخذ دور كبير في تطور مرحلة المراهقة لدى الانسان، وفي الختام المراهقة هي مرحلة اقتراب الانسان من الرشد واكتمال النضج ودخوله لعالم جديد والمراهقة هي مرحلة جميعنا مررنا بها لذلك من الخطأ معاملة المراهق بالمثاليات او فرض المثاليات عليه وفترة المراهقة بجميع ذكرياتها السيئة او الجميلة هي عبارة عن دروس نتعلم منها ، لذلك فهمك للطريقة التي يعمل بها دماغك راح تساعدك انت بلاستفادة من الشجاعة العندك بخوض تجارب جديدة وتفهم التقلبات الحاصلة.