ترجمة: صفاء خليل ابراهيم
University of Basrah,
College of education for human sciences,
Department of English.
Morning Study
Fourth stage
Section (B)
Written by
Leo Tolstoy
Translated by
Safa Khalil Ibraheem
To
Dr. Majeed Hameed Jassim
ذات يوم، بينما كان الأطفال يلعبون في الوادي ، عثروا على شيءٍ شكلهُ يوحي بأنه حبة قمح محفورةٌ من الوسط لكنها كبيرة بحجم بيضة الدجاج. استغرب الأطفال وتسائلوا فيما بينهم عن ذلك الشيء، وبينما هم كذلك مرّ بهم عابر سبيل ورأى ذلك الشيء بأيديهم فأشتراه منهم مقابل بنس واحد، واخذه الى المدينة ليعرضه للبيع على الملك على أنه تحفة رائعة ملفتة للنظر، ابتاعها الملك منه ودعا جميع مستشاريه من العلماء ورجالهِ الحكماء وطلب منهم البحث والاستكشاف لمعرفة ما ذلك الشيء. فكر العلماء ملياً لكن دون جدوى، فلم يتمكنوا من معرفتهِ. وضع الملك ذلك الشيء الغريب على إحدى نوافذ القصر، وفي يوماً ما طارت دجاجة الى النافذة فنقرت ذلك الشيء وأحدثت ثقباً به. شاهد الجميع ماحدث وتبين لهم بأنها حبة قمح. ذهب العلماء الى الملك وأخبروه بأنهم تمكنوا من معرفة الشيء الغريب فقد كان حبة قمح. تفاجأ الملك كثيراً من هذا الخبر وطلب من مستشاريه من الرجال الحكماء بأن يكتشفوا ويبحثوا في كتبهم وجميع مراجعهم عن مكان وزمان نمو هذه الحبوب تأمل العلماء مرة اخرى وبحثوا في جميع كتبهم ومصادرهم لكنهم لم يتمكنوا من الحصول على أية معلومة عن هذا القمح. رجعوا الى الملك خائبين وقالوا له : يا مولاي لم نستطع أن نعثر على أي إجابة، لا توجد أية معلومات عن هذه الحبة في كتبنا ومراجعنا، ولكننا نقترح عليك يا جلالة الملك بأن تسأل الفلاحين علّ بعضهم قد سمع شيئاً من ابائه عن مكان وزمان نمو هذه الحبوب. أصدر الملك الأوامر بأن يحضروا اليه أقدم فلاح في المدينة، وجد الخدم فلاح كبير طاعن في السن فأحضروه إلى الملك. كان عجوزاً منحني الظهر شاحباً بلا أسنان تمكن بمساعدة العكازتين فقط من الترنح للحضور بين يدي الملك.
عرض الملك حبة القمح عليه، لكن الفلاح العجوز بالكاد رآها فأخذها وتحسسها بكلتا يديه، سئله الملك قائلاً : يا شيخ، هل تستطيع إخبارنا أين بأعتقادك تنمو مثل هذه الحبوب؟ هل سبق لك أن اشتريت او زرعت مثل هذه الحبوب في أرضك؟
كان الفلاح العجوز ضعيف السمع تمكن بصعوبة بالغة من فهم سؤال الملك.
أجاب الفلاح أخيراً، كلا لم أزرع او احصد أية حبوب مثل هذه في أرضي ولم اشتري اياً منها. عندما كنا نشتري القمح كانت الحبوب دائماً صغيرة الحجم كما هي موجودة الآن. لكنك يامولاي تستطيع سؤال والدي فربما كان ذلك في عهده أو انه قد سمع عن مكان نمو هذه الحبوب. تفاجأ الملك وقال له، أو هل لايزال والدك حياً؟ أجاب الفلاح نعم إنه حي يرزق. أرسل الملك في طلب والد الفلاح الكبير، ذهب الحرس باحثين عنه وجاءوا به الى الملك.
كان يبدو أصغر عمراً من ولده وأقوى منه فقد جاء يمشي على عكازة واحدة. عرض عليه الملك حبة القمح، كان نظره مازال جيداً وقادراً على الرؤية اخذ الحبة وألقى عليها نظرة، سأله الملك:
“يا شيخ، ألا يمكنك أن تخبرنا أين كانت تنمو هذه الحبة؟ هل سبق لك وإن اشتريت منها أو زرعت او حصدت منها في ارضك؟
على الرغم من أن الفلاح العجوز كان ضعيف السمع إلا أنه لازال يسمع افضل من ولده.
أجاب : كلا يا مولاي فأنا لم ازرع ولا احصد مثل هذه الحبوب في حقلي. أما بالنسبة للشراء، فأنا أيضاً لم اشترِ أيا منها، كانت النقود لا تستخدم في زمني. كان كل شخص منا يزرع ما يحتاج إليه من القمح، وعندما يحتاج أحدنا إلى شيء كنا نتبادل المحاصيل مع بعضنا البعض.
أنا لا أعلم أين تنمو مثل هذه الحبوب، حبوبنا كانت أكبر حجما وإنتاجها اوفر من الحبوب في هذه الأيام، لكنني لم ارَ حبة قمح بهذا الحجم ابداً.
لكنني قد سمعتُ من والدي بأنه قال “أنه في زمانه كانت الحبوب أكبر حجما وإنتاجها أكثر من التي في زمننا“. لذا من الأفضل يا مولاي أن تسئله وتستفسر منه، استغرب الملك كثيراً، وقال بتعجب أو هل لايزال والدك حيا أيضاً!!!
أجاب الفلاح نعم، إنه حي يرزق أيضاً.
أرسل الملك جنوده في طلب والد هذا الفلاح الكبير، فوجدوه و أحضروه بين يدي الملك. دخل يمشي بسهولة وبدون أي عكازة، كان بصره واضحاً وسمعه جيداً ولسانه فصيح، فقد كان يبدو اصغر عمراً من ولده!
عرض عليه الملك حبة القمح، فحصها الفلاح الجد وأدارها بيديه، وقال: لقد مرّ رقت طويل منذ أن رأيت مثل هذه الحبة الفاخرة ثم قضم قطعة منها وتذوقها وأضاف قائلاً: بلا شك إنها من صنف حبوب ذلك الزمان.
قال الملك: أخبرني أيها الجد، متى وأين كانت تنمو هذه الحبوب؟ هل سبق لك وان اشتريت منها او زرعتها في ارضك؟
أجاب الجد : في عهدي كانت حبوب القمح تنمو في كل مكان، قد رأيت مثل هذه الحبوب في أيام شبابي، وأطعمت الآخرين منها، كانت حبوب القمح كهذه وأعتدنا على زرعها وحصادها.
سأل الملك : أخبرني، هل اشتريتها من مكان ما؟ أو زرعتها بنفسك؟ ابتسم الفلاح الجد وقال : في عهدي لا أحد يفكر بأرتكاب خطيئة شراء أو بيع الخبز، وكنا لا نعرف شيئآ يسمى بالنقود. كان كل شخص لديه ما يكفي من الحنطة.
ثم سأل الملك: أخبرني أيها الجد، اين كانت أرضك؟ أين كنت تزرع مثل هذه الحبوب؟
أجاب الجد: أرض الله هي ارضي، أينما احرث تكن ارضي، الأرض كانت بلا ثمن، لم يكن أي شيء ملكا لأحد، العمل بعرق الجبين كان الشيء الوحيد الذي كان يمتلكه كل انسان.
قال الملك، لدي سؤالين آخرين أجبني عليهما من فضلك:
الأول، لماذا كانت الأرض في عهدكم تنتج هذه الحبوب والآن انقطعت عن انتاجها؟
والثاني، لماذا جاء حفيدك يمشي على عكازتين، وولدك على عكازة واحدة، وانت بلا عكازة، سليم النظر، قويم الاسنان، فصيح اللسان وذو سمع جيد، كيف حدثت هذه الأمور؟
أجاب الفلاح الجد : ان حدوث هذه الأشياء بسبب أعتياد الإنسان على التوقف عن عمله الخاص والاعتماد والاتكال على عمل غيره في معيشته.
في قديم الزمان، كان يعيش الانسان في ظل خيرات الله و بالاعتماد على شريعته حيث يعيش على مايملكه ويزرعه في ارضه وليس على ما ينتجه الآخرون.