JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

الصفحة الرئيسية

سِتَّةُ أشْهُر غَيرتْ حَياتيّ


تأليف الكاتبة : ياسمين ثامر خضير


في ليلةٍ ممطرةٌ وَ طَقسٌ باردٌ كان وليد يَجلوسُ في شّرفةُ المنزل وَ هوَ
يَرتَشفُ القهوة، وَيَرتَدي مِعطَفٌ من الصوف لـ يَحميه من شدةُ البَرد، كان
وليد يَسكُن في أحدَ المُدن السياحية وَكانَ مَنزلهُ يَقعَ وَسطَ تلكَ المنازل
التي يَسكُنها الـ سُيّاح عندَ زيارَتهُم المَدينةُ، وَكانَ وليد رَجُلٌ
ذِمْرٌ شَهْم وَوسيمٌ أسمرُ اللون ضخمَ البُنية عينَاهُ واسِعَتَان وشَعرهُ
مموجُ كـ أمواجُ البَحرَ الهَائِجُ، كانَ يَملَؤهُ النبلُ وَالشَجاعةُ، كانَ
يجلُس بـ هدوء وَيَستمعَ إلى صوتُ المَطر، وَيَنظرُ إلى تلكَ ألمَدينَةُ  وَ
وفرةُ جَمالُها، سَمعَ وليد صوتُ ضحَكاتٌ مُتتالية، من الشّرْفةُ المُقابلة لـ
مَنزلهُ، أطالَ النَّظَرَ على الشّرْفةُ فـ بَدأت الأصواتُ تَتَعَالى
وَتقتَربَ، وإذا بهِ يَتَفاجئُ في خُروج تلكَ الفتاةُ إلى الشّرْفةُ، كانت
وَكأنَ الليل إِسْتَلْقَى في شعرُها وَ تَشَبَّهَ القَمرُ الـ مُضيء ليلتُها،
وبعدَ بضعُ دقائق خَرجَ رجلاً وَ وقفَ بِجوارها كانَ عملاقٌ وَكانتْ عَيناهُ
مُكْتَظَّةٌ بِـ الشَر، كانَ يَنظرَ نَظراتٌ غَريبة، وَبعدَ لَحَظات أمسكَ
بيدُها وَ أخذها إلى الداخل وَغلقَ بابُ الشّرْفةُ، تفاجأَ وليد من تَصرُفَ
ذَلِك (العملاَق) وَبَقية يَتَسَاءَلُ لِمَاذا فَعلَ ذَلِك عَندَما رَآنِي،
جَلسَ يُفَكرَ بِما حَدثَ، اِسْتَلْقى عَلى كُرسيّ هزازٍ وَهوَ يَنظرَ إلى
تلكَ السماءُ الصافيةُ تَبدوَ أكثَرَ جمالاً عَندَ أنتهاءُ المَطر، وَهوَ
يَنظرَ وَيَتَأَمَّل النجوم سَمعَ صوتُ صُراخ وَ مُشاجَرَة نَهَض مَفزوعٍ
وأناملَ أصَابعهُ تَرتعشُ لِما سَمعَ، كانَ صوتُ تلكَ الجَميلةُ وَهيَ تَصرُخ
(اترُكَني أرجوك) بصوتٍ مِلؤُه الشَّفقة، اشْتَدَّ غَضَبُهُ فـ خَرجَ مُسرِعاً
إلى المَنزلُ ليُنقذَ الفتاة، وَعندَ وصولهُ وَقفَ حائراً أمامَ بابُ المَنزل
يَتَسَاءَلُ (أدخلُ أو لا أدخُل) وَفي تلكَ اللحظَةُ تَغَلبت عَلَيهُ
الشَجاعةَ وَ الـ شَهَامَةُ، دَخَل وليد فَـ وَجَد الأبْوَاب مُوَارَبَةٌ،
اسْتَغْرَبَ ذَلِك، دَخَل وَ لم يَرى أحدً، كانَ المَنزلُ مُبَعثرٍ وَ
الأطباقُ منكسرةٌ على الأرض، وَالفوضى تَعُمَ المَكان الذي كانَ أَشْبَهُ
بِساحَةِ معرَكة، (هَل من أحدً هُنا) قالَ وليد، لم يردَ عليهُ أحد، دَخَل إلى
الغرفةُ وهُنا كانتْ الصّدمة، وقفَ وليد مَذْهولًا مما رأى، كانتْ تلكَ
الفتاةُ فائقةُ الجمال ملقاةً على الأرض وكانَ جَسَدِهَا رَقيقَ البُنيةُ
تَغَطَّى بالدِّمَاءِ، هُرِعَ وليد ليَحمُلها وَيَذهبُ إلى المَشّفى، وَإذا بـ
الشُّرطة يَقتَحمونَ المَنزلُ وَيُمَسِّكُونَ وليد لـ يَذهَبونْ بهِ إلى
مَركزُ الشُّرطة، دَخَلَ وليد السجَن مُتَّهمًا بِالقَتل، كانتْ أبشعُ ليلةٍ
في حياةَ وليد، كانَ يُفَكرَ كثيراً في ما حَدثَ لهُ وَيَقول ما الذي فَعلتَهُ
يا وليد لِمَاذا ذَهبتَ هُناك سوفَ يصدُرَ الحُكمَ بأعدامي عن قَريب
وَتَنتَهيَ حياتي بَلا ذَنْب فقط لأنّي أَرَدْتُ المُساعَدةُ هذا ليَس عدلاً،
مَرت الساعاتُ وَ الأيام وَ الشُّهور وَ التَحقيقُ جارِ، وَ وليد كانَ
المُتَهمُ الوحيد في هذهِ الجِناية، سِتَّة أشْهُر منَ العَذابُ وَ الألم
وَالتَفكير وَ الحِرْمان وَ مَصيرٌ مجهول، وَكانَ يَقول لصديقهُ عَندَ زيارةُ
له: تَخنُقني الدَقائقَ وَ الساعاتُ يا أيمن، كانَ الموتُ أرحمُ لي من أن
أُحاسَب على ذَنْب لم ارتكبهُ، أتمنى أن يَصدُرَ الحُكم وَيَنتَهيَ الأمر
وَيَنتَهي هذا العَذابُ، وَ بعدَ الـ سِتَّة أشْهُر على مُكُوثهُ في السجن
جاءَ شُّرطي إلى الزنزانةُ نظَرَ إلى وليد وَقالَ لهُ إفراج!! قفَزَ وليد من
مكانهُ وكأنهُ لم يُصدق ما سَمعَ قالَ ماذا؟! قَالَ الشُّرطي:إفراج ألا تَسمعُ
هَيا أخرُج، خَرجَ وليد مُسرِعاً وكانَ قَلبهُ مفعَمٌ بالسعادة، وَ بعدَ أيام
عَرَف وليد أن الرَجُل(العملاَق) سَلم نَفسهُ للشُّرطة، اتضحَ أنهُ كانَ
مُصاباً بمرضٌ نَفسي وأيضاً بـ(حُب التَملُك) الذي دَفعهُ لـ قَتل زوجتهُ،
قررَ وليد أن يَحتَفلَ بِخروجهُ من السجن معَ صَديقهُ أيمن، كانَ الطَقسُ
جميلاً والشَّمسُ تَنْشُرُ أَشِعَّتَها في كُل مكان، كانَ وليد يُحضرَ عَصير
البُرتُقال وإذ به يَسمعُ صوتَ أيمن يُناديه! ذَهبَ وليد إلى شّرفةُ المنزل
حَيثُ يوجدَ أيمن قال لهُ أُنظر يا وليد نظَرَ وليد لـِ يجدَ رجُل وَ زَوجتهُ
يَتشّاجَران مَسكَ وليد يدُ أيمن وَ دَخَلَ مسرعاً وأغلقَ الباب، نظَرَ إلى
أيمن وَقالَ لهُ: لا يا أيمن لم أفعلُهَ مجدداً، عَندَما خَرجتُ من تلكَ
الزنزانةُ اللعينة عاهدُ نَفسي أن لا أتَدخلَ بعدَ الآن بِما لا يعنيني.  
reaction:
author-img

الخطى

صاحب الامتيازمتخصص في قسم: كل الاقسام مؤسسة الخطى للثقافة والإعلام | مؤسسة اعلامية ثقافية تقدم خدماتها من اجل تطوير المجتمع العراقي في مجال الثقافة والاعلام تأسست على يد عدد من الشباب الاكاديمي العامل في الوسط الثقافي والاعلامي.
تعليقات
    الاسمبريد إلكترونيرسالة