تأتي الازمات وتجلب معها الابتكارات والغرائب والتي تتنوع بحسب الحاجة وبعضها يكون للتسلية لا أكثر، فلكل أزمة جانب إيجابي حتى أزمة كورونا فانتشار الفيروس بشكل متسارع في العالم دفع الشركات لتقديم اختراعات جديدة تساعد البشر على تجنب الكارثة، وهناك ما عد طرفة عند اختراعه.
اول غرائب الكورونيات هو ازدهار صناعة النعوش في فرنسا، حيث يقوم اثنان من عمال النقل بتحميل النعوش على شاحنة فيما تتحول التوابيت سريعا إلى بضاعة ثمينة في فرنسا التي يضربها فيروس كورونا بقوة مخلفا بعضا من أفدح الخسائر البشرية، وبينما أغلقت معظم الشركات أبوابها في إطار إجراءات العزل العام التي تهدف لإبطاء انتشار المرض، إلا أن مصنع النعوش في بلدة جوسي بشمال شرق فرنسا يكابد لتلبية الطلبات والوفاء باحتياجات السوق، وأعلنت فرنسا عن 60 ألف حالة إصابة بالفيروس و5387 وفاة، وهي رابع أعلى حصيلة في العالم.
وقال إيمانويل جاريت مدير مصنع (أو.جي.إف) لرويترز “نظرا للأحداث الجارية فإن الانتاج سيزيد بمقدار 50 تابوتا يوميا.. نزيد العدد من 360 إلى 410” وتنتج المجموعة، التي تملك مصنعا آخر بالقرب من جبال الألب في شرق فرنسا، حوالي 144 ألف نعش سنويا، مما يجعلها المنتج الأكبر في البلاد، ويقوم المصنع في جوسي بتصنيع 80 ألف تابوت من خشب البلوط والصنوبر للسوق الفرنسية ولا يوجد نقص في الخشب نظرا لانتشار الغابات على مساحة حوالي 60 كيلومترا مربعا من المنطقة المجاورة.
وتقع المدينة التي يبلغ عدد سكانها 1600 نسمة فقط بين باريس وشرق فرنسا، وهي مناطق تقع في قلب التفشي وحدثت فيها أكثر من نصف الوفيات في البلاد، وقال جاريت “فيما يتعلق بالنشاط، من الواضح أن الطلب في هذا المكان الآن هو الأقوى على الإطلاق” وفي المصنع، يجتهد الموظفون البالغ عددهم 120 موظفا في تجميع النعوش التي تباع عادة مقابل سعر يتراوح بين 700 يورو (756 دولارا) و5000 يورو للتابوت الواحد.
وقال جاريت إن هذا الوضع سيتغير لأن الطفرة في الطلب دفعت المصنع للتركيز على الوحدات الأكثر بساطة، ويحافظ العمال على مسافة آمنة فيما بينهم ويقومون بتطهير المساحة التي يعملون بها بانتظام، ويرتدون جميعا الكمامات الواقية وقامت الشركة بالتعاقد مع عاملات حياكة محليات بسبب النقص المزمن الناجم عن الوباء العالمي.
البيع والشراء عبر جدران بلاستيكية
بدأت إجراءات العزل العام تزول ببطء في مدينة ووهان الصينية، بؤرة تفشي جائحة كورونا، لكن ليس بالسرعة الكافية لبعض السكان المتلهفين على العودة لشراء اللحوم والأطعمة الطازجة بأنفسهم بعد أسابيع اعتمدوا فيها على خدمات التوصيل للمنازل، وما زالت أحياء في المدينة معزولة بجدران بلاستيكية بارتفاع مترين أقيمت في بداية الأزمة لفرض سياسة العزل والتباعد الاجتماعي، وجعل ذلك السكان معتمدين بشكل كامل على شراء احتياجاتهم عبر الإنترنت.
وفي أحد الأحياء يتعامل الباعة والمشترون من فوق الجدار.
وأمام الجدار البلاستيكي وقف مشترون على كراسي لإلقاء نظرة على البضائع المعروضة على الجانب الآخر، وتعالت أصواتهم وهم يسألون الباعة أسفل الجدار عن الأسعار، وبعد ذلك استخدموا تطبيقات الدفع على أجهزة الهاتف المحمول بدلا من المغامرة بالتعامل بالنقود، وقال صاحب محل لبيع لحم الخنزير “من الأسلم لنا البيع من وراء هذه الحواجز” ورُفعت لافتات بيضاء على الجدار لتعريف المتسوقين بما هو معروض للبيع على الجانب الآخر ويعرض أغلب الباعة الخضروات والأرز والزيت واللحم، لكن أحدهم كان يعرض السلطعون (جراد البحر) الذي يعد من الوجبات الشهية لدى السكان.
وفتحت كذلك بعض المتاجر الكبرى أبوابها واجتذب أحدها طابورا طويلا من المتسوقين تفصل بين كل منهم والآخر مسافة متر ونصف المتر، وارتدى بعضهم معاطف المطر أو أغطية رأس بلاستيكية لدرء خطر الفيروس وارتدوا جميعا الكمامات وبدت السعادة بالتخلص أخيرا من شراء الطلبات عن طريق الإنترنت، وتحدث رجل عمره 68 عاما، بينما كان يقف في الطابور، عن السلع الغذائية التي كان يوصلها متطوعون خلال فترة العزل العام “لم تكن طازجة… لم تبد طيبة ولم يكن مذاقها جيدا”.