حيدر الاسدي
اكاديمي وناقد
منذ ان اطلقت اذاعة المربد عام 2016 برنامجها الشهير ( قف للتحشيش) الذي يعالج القضايا الاجتماعية باطار كوميدي هادف ، حتى بات لهذا الفن متابعة كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي واصبح فريق العمل له اعجاب وسط المجتمع البصري والعراقي وانتشر هذا الفريق بروحية الاداء الفكاهي وعلى راسهم الكوميديان الجميل والصديق العزيز (محمد قاسم) ومعه فريقه من المبدعين الفنان يوسف صلاح الدين والفنان يوسف الحجاج والفنان اسامة مهدي والفنان الخال (كامل الازرقي) والفنان صادق المياحي والفنان اياد العتابي واخرين ، اثبتوا علو كعبهم بادائهم الكوميدي ونالوا اعجاب العديد من المختصين ، فهم لم يلجوا لهذا الفن الكوميدي من باب الصدفة واغلبهم من خريجي اكاديميات الفنون الجميلة وبعضهم يحمل شهادات عليا في مجال الفن ، وربما هناك من يحاول ان يقلل من النوع الكوميدي الذي يقدموه فاقول لهم ان اصل الكوميديا تعرف من المشتغلين بالفن على انها ((محاكاة نقائص الأفراد في مجتمعهم محاكاة تحقق عنصر الفكاهة بقصد طرح تلك النقائص أمام أعين النظارة كي يسخروا منها ويضحكوا ملء أشداقهم علي المتردين فيها، وغاية هذه المحاكاة معالجة مشاكل المجموع التي أصبحت كداء استشري أو كوباء استفحل أمره، وصار لزاما التصدي له . و السخرية غايتها التغيير ( و هو مرادف التطهير بالتراجيديا ) من خلال المجموع، لأن السخرية هي أولي مراتب الشعور بالغثيان نحو تصرف غير ملائم، تماما كما يعتبر السخط أولي مراحل الثورة، ومثلما يؤدي السخط بمرور الوقت إلي الثورة علي الظلم والاستعباد، كذلك السخرية تؤدي علي المدي الطويل إلي استهجان النقائص ونبذها)) وقد نشأت الكوميديا في صقلية اذ منحها إبيخارموس أول أشكالها الفنية بعدها انتقلت إلى أثينا اذ ازدهرت وتطورت ووصلت أوج كمالها علي يد أريستوفانيس، ولكن في وطننا العربي وفي عصرنا الحالي تم التركيز على الكوميديا في المسرح والسينما ولم تظهر برامج الكوميديا او سكيجات الكوميديا او مشاهد الكوميديا الا في السنوات الاخير ، وكان (قف للتحشيش) احدى تلك البرامج التي انتشرت عربيا بصراحة بفضل (قوة النصوص المكتوبة للمشاهد) وقوة اداء الفنان محمد قاسم وفريقه ، مما جعل تلك المشاهد تدخل لقلوب الناس بسرعة البرق ، في زمن ساد الظلام كل شيء من حيوات المواطنين ، محمد قاسم وفريقه يقدمون النقد الساخر والنقد الاجتماعي القائم على اظهار التناقضات الحاصلة في مفاصل المجتمع ومنها ماهو ثقافي وماهو سياسي ...الخ ، كل هذه المنظومة تم توجيه النقد الساخر لها بهدف كشف تلك التناقضات وابرازها للمتلقي بطريقة كوميدية يضحك من خلالها المشاهد ويتملكه الوعي بالقضايا المطروحة في تلك المشاهد، وهنا لابد من ان تتوسع التجربة وتنضج اكثر فاكثر وتحتضن وتقدم على مستوى ناطق اوسع واكبر ، وليس يتم انتقادها او يحاول البعض التقليل من شأن التجربة ، بل على العكس انا ادعو الباحثين لقراءة هذه التجارب بعين الموضوعية الفاحصة العلمية ، وفي الختام اوجه كل التحية والاحترام لهذا الفريق المبدع وابارك لهم عملهم الجديد (تاكات) الذي انطلق قبل ايام عبر اذاعة المربد كذلك، كل التحية لجهودكم في سبيل زرع البسمة على وجوه المواطن وكل الشكر لانكم تقدمون نقدكم للظواهر السلبية بطريقة فكاهية هادفة.