محمد كاظم خضير
كاتب ومحلل سياسي
متأخرا اعترفت قوات الاحتلال الامريكي مساء أمس، بالضربة الجويه التي نفذتها الطائرات المسيرة مقاومه ، مستهدفة منشأة قاعدة فكتوريا في مطار بغداد ، ورغم ما ينطوي عليه الاعتراف الامريكي المتأخر من تدليس أراد به إخفاء الحقيقة وحجبها، إلا أنه لم يستطع على الأقل إخفاء الموضوع نهائيا اتباعا لاستراتيجيته الإعلامية التي لم تتغير منذ سنوات، وتعتمد على التخفي وراء جوقة الأبواق والأكاذيب والتي تنتهي بالفضيحة في الغالب.
لن نتحدث عن تفاصيل العملية قصف القاعدة فكتوريا ، ولن نسهب في الحديث عن الرسائل التي أوصلتها، ليس تواضعا فيها، ولا تقليلا من حجمها، إنما قناعة بأن العملية النوعية بالأمس – وغيرها من العمليات التي سبقت – تأتي في سياق طبيعي هو الحق المشروع في في تحرير الارض من الاحتلال وهذا مكفول بالشرائع الإلهية والمواثيق الوضعية، ولا يوجد أمام الشعب العراقي – مقابل إصرار بايدن على بقاء القوات الامريكية – إلا خيار القوة واستخدام الفعل العسكري، بتوقيت العراق وأبطاله البواسل وتوقيت انتصاراتهم، لا بتوقيت اللقاءات التي يعقدها المشبوهون في ” السفارة ”، ولعل بايدن بعد ترامب بأن يتعلم أنماطا أخرى لامتصاص وابتلاع الهزائم وإخفائها، وقبل الذهاب لعقد اللقاءات مع الجيوش الإلكتروني من اجل الرد على الهجوم ، وقبل ارتكاب حماقة البقاء القوات الاحتلال الذي سيكون المسمار الأخير في نعشه ونعش أبيه، يَنبغي على بايدن التأكد من أن الطائرات مقاومه المسيرة قد تصل مداه إلى “قواعد الأمريكية في المنطقة ” أيضا وحتى تل أبيب .
على مدى الأشهر الماضية لم تتوقف القوات الامريكية عن زيادة قواتها في القواعد ، وكل المحاولات لإقناع الادراه الأمريكية الجديدة بضرورة التوقف وإتاحة المجال للتفاوضات السياسية انتهت دون جدوى، وقد حول تلك المساعي إلى منصات ذرائعية للاستمرار في بقاء القوات الأمريكية ، وحوّل التحركات المفاوضات إلى مجرد استهلاك للوقت ليس إلا، واستمر في التعنت والغي والتعدي، وقام بتشديد هجوم الجيوش الإلكتروني ضد الحشد الشعبي وممارسة المزيد من الضغوطات والإرهاب على الشعب العراقي وقام بتوظيف اعتقال مصلح التي تسبب بها في سياق الضغوط واستخدام الانفجارات كأسلوب للإرضاخ.
إن بايدن وأدواته وحلفاءه،في العراق قد أرادوا من الوقت والضغوط والإرهاب سلما لتحقيق أهدافهم وعملوا على تكريس واقع يوفر لهم ذرائع بقاء قواتهم والبقاء والاستمرار ، في المقابل عملت المقاومة العراقية على الأرض وحقق الإنجازات والمعجزات، والمقارنة العملية بين ما يفعله بايدن ، وبين ما يقوم به الشعب العراقي ، يكشف الفارق بين حق شرعي مكفول، وبين احتلال غاشم يستخدم كل القذارات لتحقيق أطماعه، وبالتأكيد فإن الولايات المتحدة الأمريكية لن توقف زيادة القوات الامريكية في العراق ، في ظل واقع غير هذا .. والأمر الوحيد الذي يجعله يعيد حساباته هو ضرب مفاصل قواته في العراق ، بالتوازي مع هزيمة ادوته على الأرض ، سيرغم بايدن ويدفعه للتوقف عند حده، فمن المعلوم أنه لن يترك منطقة احتلها من ذات نفسه ولن يخرج إلا بالقوة كما في أفغانستان ، وبالتأكيد لن يوقف عربدة الطائرات إلا بالقوة، وكل ما يقال من تصريحات حول الحلول السياسية مجرد أكاذيب لن تتحول إلى واقع إلا بعمل عسكري نوعي يدك الضرع الحلوب، إن صح التوصيف هنا.
مراهنات بايدن في تحصيل مواقف سياسية للتغطية على انحسار الدور الامريكي قد أطيح بها، ومراهناته على أدوات الأمريكية بحق المقاومة ستسقط لا محالة، وسواء وَصلت الرسالة التي حملتها عملية الأمس أم لم تصل، فإن ما بات عليه إدراكه أن العراق لن يطول الوقت بها قبل الإعلان عن تحريرها واستعادتها، ذلك أن دحر ما تبقى من الاحتلال سيكون تحصيل حاصل لما قد أنجزته القوات المقاومة في عملياتها العسكرية الكبرى ، وأن دك المنشآت العسكرية للاحتلال الامريكي لن يتوقف، وقد سبق للقوات المقاومة في أكثر من مناسبة التأكيد على أنها لن تتوانى في استهداف الاحتلال ما دام قائما ومستمرا.
وعليه أن يدرك بايدن أن الاستمرار في البقاء العراق في ينطوي على مخاطر تلامس جنوده ومصالحه الحيوية، ذلك أن القوة التي بات العراقيين يمتلكونها، وبنك الأهداف الواسع الذي أعلنته المقاومة ، تضع خروج القوات الامريكية أمامهم المخرج الوحيد له من متواليات الهزائم والانتكاسات التي يتعرض لها في مختلف الصعد
.
تخطئ الولايات المتحدة الأمريكية في قراءة واقعه الداخلي من جهة، ويخطئ في تقييم المخاطر التي تواجهه كارتدادات فعائله القبيحة بالتواجد الامريكي في من جهة أخرى، يخطئ وهو يثير الكثير من الصخب، ويكاثر الأكاذيب والأوهام، ويحاول استغلال تواجده لإطلاق التهديدات ضد الحشد الشعبي ، فهو ورغم التحشيد والتحريض والتهديد يواجه مآزقه ويراكم من أزماته دون أن يشعر بعد فقدانه الاتزان والواقعيةو يعمق مآزقه ويضيق الخيارات أمامه الذي يظهره عاجزا .
قبل اليوم توافرت للقوات الامريكية فرص وممكنات للخروج أفضل مما هو متوافر اليوم، وبعد اليوم لن يجد ما هو قائم طبعا، ويجب على الولايات المتحدة الأمريكية ان تنجح الحوار الاستراتيجي مع بغداد و التي قدمتها القيادة السياسية والحلول التي طرحت على الطاولات التفاوض ، وكان عليه أن يستجيب للأصوات المطالبه بخروجه والنزول عند منطق الحلول ، واتخاذ قرار خروجه قبل الغرق في بحر الأزمات والمشاكل والانهيارات التي تنتظره. من يعتقد أنه بالقصف الجوي وتصعيد الغارات قادر على كسر إرادة محور المقاومة فهو واهم وحالم بالمستحيل، ومن يعتقد أنه بالتهديد والإرهاب النفسي والمعنوي والحصار وبالحرب الإعلامية قادر على التأثير في مواقف العراقيين وثباتهم وصمودهم وفصلهم عن قيادتهم، فهو واهم وعليه مراجعة حساباته، عليه فقط أن ينظر إلى حجم التأييد والالتفاف الشعبي الكبير لكل عمليات المقاومة الاسلامية .